الحياء الوظيفي
وقفت من بعيد أتأمل جرأة موظفة الاستقبال التي كانت تلبس زميلها “عقاله” لمرة واثنتين، بينما هو مشغول بخدمة عملاء، ويغطيه الحرج من تصرفها ومن سقوط عقاله، فيبتسم مرتبكاً ويطلب منها ترك “العقال”، وهي مصممة على أن تلبسه إياه بيدها!
تصرف تتباين حوله الآراء، رأيته أنا نوعاً من “انعدام الحياء”، ورأته صاحبته أنه “عادي”، بينما كان الشاب يود التملص من الإحراج دون أن يتخذ رد فعل يغضب الفتاة. الكثير من الفتيات العاملات صرن يفتقدن لما يمسى “بالحياء الوظيفي”، ما بين الموظفة وزميلها، وهو الخط الذي تلتزم فيه الموظفة بحياء العربيات وتبتعد فيه عن السلوك المثير للتساؤلات، بالطبع هذه ليست دعوة للتكشير والتعامل العنيف مع الزملاء الرجال، لكنها دعوة لوضع حدود من الأدب و”الحياء” في أماكن العمل.
بعض الموظفات المواطنات يتبخترن في أماكن العمل بكامل زينتهن، وتكاد لا تدري أهي موظفة أم عارضة أزياء أم عروس؟ عباءتها مزركشة مليئة بالأحجار اللامعة، وشعرها مصبوغ بألف لون، وجهها ممتلئ بكل أنواع المكياج، بينما المفروض أن تتصف ملابس مكان العمل بالرصانة والهدوء. منهن من تتعامل مع الرجال الموجودين في مكان العمل بأريحية تامة، تميل عليه لتريه شيئاً على الكمبيوتر، ترسل له إيميلات “بناتية”، تلقي عليه النكات، وتسر له بالشائعات، وتضيفه على “البيبي”، وتعزمه على “الريوق”!
كثيرات – للأسف – يضربن بآداب أماكن العمل عرض الحائط، فيبالغن في التعامل مع الزملاء الرجال، ما يجعلهن صيداً سهلاً لضعاف النفوس، وأضحوكة لناقلي الوشايات.
تندفع بعض الموظفات وتحت بند “الحاجة إلى النجاح” إلى زيادة التعامل مع الموظفين الرجال، خاصة إذا كان هذا الشخص هو الرئيس في العمل، فتراها تتعامل معه بصورة تشبه تعامل السكرتيرة أو ربما “ الزوجة” تلاحقه بنظراتها، وتعليقاتها، واتصالاتها، وحتى مسجاتها، بينما يعاني الرجال “غالباً” هذا الموقف، فلا يودون إحراج الموظفة، ولا يعرفون كيف يمكن إيقافها!
اللطافة في العمل كما تقول الكاتبة نورمان سي. هيل في كتابها “فن التعامل مع الزملاء” تقتضي بناء سمعة طيبة، وهذه السمعة ترتكز على أن تصبح الموظفة محل ثقة في أداء عملها، وقادرة على الانسجام بهدوء ضمن فريق العمل وواضحة الأهداف. وبالطبع أن تكون تصرفاتها السلوكية رزينة (خاصة بالنسبة إلى مجتمعنا الشرقي). وبحسب الكاتبة، فيكفي أن تبتعد عن إغضاب زملائك، واحترام اختلافهم (العقلي، النفسي أو حتى الديني عنك)، والابتعاد عن تولي السلطات التي لا تستطيع القيام بها فعلياً، وكذلك تجنب التكبر والغطرسة في التعامل مع من حولك لبناء علاقة جيدة ومتوازنة مع زملائك، نساء كانوا أو رجالاً.
تحتاج الكثير من الموظفات إلى دروس في فن التعامل مع الزملاء، ومن تعتقد منهن بأن إزالة الحواجز بينها وبين والزملاء الذكور ستكون سبيلها للتميز، فهي تعيش في نظرية باطلة تعتقد بأن الأنوثة تفتح الأبواب للنجاح، بينما الواقع يقول إن الأداء الفعال وحسن القيام بالواجبات الوظيفية والحفاظ على سمعة طيبة (خلقية أو مهنية) هو الباب الصحيح للوصول إلى التميز المهني.
فتحية البلوشي
* نقلاً عن صحيفة الإتحاد .
الحياء الوظيفي
وقفت من بعيد أتأمل جرأة موظفة الاستقبال التي كانت تلبس زميلها “عقاله” لمرة واثنتين، بينما هو مشغول بخدمة عملاء، ويغطيه الحرج من تصرفها ومن سقوط عقاله، فيبتسم مرتبكاً ويطلب منها ترك “العقال”، وهي مصممة على أن تلبسه إياه بيدها!
تصرف تتباين حوله الآراء، رأيته أنا نوعاً من “انعدام الحياء”، ورأته صاحبته أنه “عادي”، بينما كان الشاب يود التملص من الإحراج دون أن يتخذ رد فعل يغضب الفتاة. الكثير من الفتيات العاملات صرن يفتقدن لما يمسى “بالحياء الوظيفي”، ما بين الموظفة وزميلها، وهو الخط الذي تلتزم فيه الموظفة بحياء العربيات وتبتعد فيه عن السلوك المثير للتساؤلات، بالطبع هذه ليست دعوة للتكشير والتعامل العنيف مع الزملاء الرجال، لكنها دعوة لوضع حدود من الأدب و”الحياء” في أماكن العمل.
بعض الموظفات المواطنات يتبخترن في أماكن العمل بكامل زينتهن، وتكاد لا تدري أهي موظفة أم عارضة أزياء أم عروس؟ عباءتها مزركشة مليئة بالأحجار اللامعة، وشعرها مصبوغ بألف لون، وجهها ممتلئ بكل أنواع المكياج، بينما المفروض أن تتصف ملابس مكان العمل بالرصانة والهدوء. منهن من تتعامل مع الرجال الموجودين في مكان العمل بأريحية تامة، تميل عليه لتريه شيئاً على الكمبيوتر، ترسل له إيميلات “بناتية”، تلقي عليه النكات، وتسر له بالشائعات، وتضيفه على “البيبي”، وتعزمه على “الريوق”!
كثيرات – للأسف – يضربن بآداب أماكن العمل عرض الحائط، فيبالغن في التعامل مع الزملاء الرجال، ما يجعلهن صيداً سهلاً لضعاف النفوس، وأضحوكة لناقلي الوشايات.
تندفع بعض الموظفات وتحت بند “الحاجة إلى النجاح” إلى زيادة التعامل مع الموظفين الرجال، خاصة إذا كان هذا الشخص هو الرئيس في العمل، فتراها تتعامل معه بصورة تشبه تعامل السكرتيرة أو ربما “ الزوجة” تلاحقه بنظراتها، وتعليقاتها، واتصالاتها، وحتى مسجاتها، بينما يعاني الرجال “غالباً” هذا الموقف، فلا يودون إحراج الموظفة، ولا يعرفون كيف يمكن إيقافها!
اللطافة في العمل كما تقول الكاتبة نورمان سي. هيل في كتابها “فن التعامل مع الزملاء” تقتضي بناء سمعة طيبة، وهذه السمعة ترتكز على أن تصبح الموظفة محل ثقة في أداء عملها، وقادرة على الانسجام بهدوء ضمن فريق العمل وواضحة الأهداف. وبالطبع أن تكون تصرفاتها السلوكية رزينة (خاصة بالنسبة إلى مجتمعنا الشرقي). وبحسب الكاتبة، فيكفي أن تبتعد عن إغضاب زملائك، واحترام اختلافهم (العقلي، النفسي أو حتى الديني عنك)، والابتعاد عن تولي السلطات التي لا تستطيع القيام بها فعلياً، وكذلك تجنب التكبر والغطرسة في التعامل مع من حولك لبناء علاقة جيدة ومتوازنة مع زملائك، نساء كانوا أو رجالاً.
تحتاج الكثير من الموظفات إلى دروس في فن التعامل مع الزملاء، ومن تعتقد منهن بأن إزالة الحواجز بينها وبين والزملاء الذكور ستكون سبيلها للتميز، فهي تعيش في نظرية باطلة تعتقد بأن الأنوثة تفتح الأبواب للنجاح، بينما الواقع يقول إن الأداء الفعال وحسن القيام بالواجبات الوظيفية والحفاظ على سمعة طيبة (خلقية أو مهنية) هو الباب الصحيح للوصول إلى التميز المهني.
فتحية البلوشي
* نقلاً عن صحيفة الإتحاد .