أعجبتني هذه السطور فأردت أن تشاركنني قراءتها
حكمة الخيمياء
قال الكيميائي الحكيم مخاطباً الفتى الراعي الباحث عن الكنز، في رواية "الخيميائي" لباولو كويلو: "إن كان ما وجدته مصنوعاً من مادة صافية فلن يفسد أبداً، وستستطيع أن تعود إليه يوماً، وإن لم يكن إلا لحظة ضياء، كانفجار نجمٍ، فلن تجد شيئاً منه عند عودتك، ولكنك ستكون قد شهدت انفجاراً عظيماً، وهذا في حد ذاته يستحق منك أن تعيشه". كان الرجل يتكلم بلغة كيمياء، ولكن الفتى فهم أنه كان يلمح إلى فاطمة الفتاة التي وقع في حبها، واضطره بحثه عن الكنز للرحيل عنها على أمل العودة ظافراً، ولكنه كان مسكوناً بالخوف من أن تتخلى عنه حين يطول غيابه.
في كلام الخيميائي حكمة، ليس لأن بين الكيمياء والحب علاقة غامضة فحسب، وليس فقط لأن الحب قائم على كيمياء من نوعٍ آخر، هي كيمياء الأرواح، وإنما لأن الخيميائي يفرق بين نوعين من الحب: الأول هو ذاك الذي تتكون عناصره من مادة صافية لا تفسد أبداً، فيظل يقاوم الزمن ويعيش، أما الثاني فهو ذاك الذي يولد ويموت كانفجار نجم، يشتعل فيملأ الدنيا بأضوائه ثم لا يلبث أن ينطفئ.
ثمة حكمة أخرى في كلام الخيميائي، فهو إذ فرق بين نوعين من الحب، لم ينظر باستخفاف إلى تلك المشاعر العظيمة التي تنتابنا في حالة الحب الثاني، الذي يولد ويموت كانفجار نجم.
لقد قال مخاطباً الفتى: حتى لو انطفأ النجم، "ستكون قد شهدت انفجارا عظيما". إن شهقة الحب الأولى، بصرف النظر عن المآل الذي ستؤول إليه، تمنحنا متعة أن نرى انبثاق نجم، حتى لو سرعان ما انطفأ.
لسنا، والحال كذلك، نتاج قصة الحب الوحيدة التي انتهت بنجاح، وإنما أيضاً نتاج قصص الحب التي انطفأت كانطفاء النجوم بعد انفجارها العظيم.
من منا ينكر أن أثراً أو آثاراً من هذه القصص التي مرت بنا، أو بجوارنا، خفيفة، رشيقة، أو معذبة، محيرة ما زالت عالقة في روحه؟!
لن يكف الخيميائي عن توجيه نصائحه للفتى: "انصت إلى قلبك. إنه يعرف كل شيء". وحين رد الفتى:"إن قلبي منفعل، إنه يحلم، ويضطرب وهو عاشق لفتاة من الصحراء. إنه يتركني ليالي وليالي من دون نوم عندما أفكر فيها". رد الخيميائي: "هذا جيد، إن قلبك حي. لذا استمر بالاستماع إليه".
د. حسن مدن .. جريدة الخليج 10-6-
أعجبتني هذه السطور فأردت أن تشاركنني قراءتها
حكمة الخيمياء
قال الكيميائي الحكيم مخاطباً الفتى الراعي الباحث عن الكنز، في رواية "الخيميائي" لباولو كويلو: "إن كان ما وجدته مصنوعاً من مادة صافية فلن يفسد أبداً، وستستطيع أن تعود إليه يوماً، وإن لم يكن إلا لحظة ضياء، كانفجار نجمٍ، فلن تجد شيئاً منه عند عودتك، ولكنك ستكون قد شهدت انفجاراً عظيماً، وهذا في حد ذاته يستحق منك أن تعيشه". كان الرجل يتكلم بلغة كيمياء، ولكن الفتى فهم أنه كان يلمح إلى فاطمة الفتاة التي وقع في حبها، واضطره بحثه عن الكنز للرحيل عنها على أمل العودة ظافراً، ولكنه كان مسكوناً بالخوف من أن تتخلى عنه حين يطول غيابه.
في كلام الخيميائي حكمة، ليس لأن بين الكيمياء والحب علاقة غامضة فحسب، وليس فقط لأن الحب قائم على كيمياء من نوعٍ آخر، هي كيمياء الأرواح، وإنما لأن الخيميائي يفرق بين نوعين من الحب: الأول هو ذاك الذي تتكون عناصره من مادة صافية لا تفسد أبداً، فيظل يقاوم الزمن ويعيش، أما الثاني فهو ذاك الذي يولد ويموت كانفجار نجم، يشتعل فيملأ الدنيا بأضوائه ثم لا يلبث أن ينطفئ.
ثمة حكمة أخرى في كلام الخيميائي، فهو إذ فرق بين نوعين من الحب، لم ينظر باستخفاف إلى تلك المشاعر العظيمة التي تنتابنا في حالة الحب الثاني، الذي يولد ويموت كانفجار نجم.
لقد قال مخاطباً الفتى: حتى لو انطفأ النجم، "ستكون قد شهدت انفجارا عظيما". إن شهقة الحب الأولى، بصرف النظر عن المآل الذي ستؤول إليه، تمنحنا متعة أن نرى انبثاق نجم، حتى لو سرعان ما انطفأ.
لسنا، والحال كذلك، نتاج قصة الحب الوحيدة التي انتهت بنجاح، وإنما أيضاً نتاج قصص الحب التي انطفأت كانطفاء النجوم بعد انفجارها العظيم.
من منا ينكر أن أثراً أو آثاراً من هذه القصص التي مرت بنا، أو بجوارنا، خفيفة، رشيقة، أو معذبة، محيرة ما زالت عالقة في روحه؟!
لن يكف الخيميائي عن توجيه نصائحه للفتى: "انصت إلى قلبك. إنه يعرف كل شيء". وحين رد الفتى:"إن قلبي منفعل، إنه يحلم، ويضطرب وهو عاشق لفتاة من الصحراء. إنه يتركني ليالي وليالي من دون نوم عندما أفكر فيها". رد الخيميائي: "هذا جيد، إن قلبك حي. لذا استمر بالاستماع إليه".
د. حسن مدن .. جريدة الخليج 10-6-